الأولى من هذه الجمل [إِذَا أُعْطِيَ] ممن إذا أعطي شكر ممن الأصل في من أنها صيغة عموم ولكن المراد بها هنا عموم في أفراد من اتصف بهذا الوصف لأن الله تعالى يقول {وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} فدل على أن الشاكرين على قلة و {مِّنْ} هذه تدل على ماذا؟ على عموم يعني مطلف نقول حينئذ العموم هنا مقيد بوصف وهو من اتصف بما ذكر بعد من [إِذَا أُعْطِيَ شَكَر] إذا أعطي (إذا) كما قال أهل العلم مخالفة لإن يعني قال المصنف هنا إذا أعطي شكر ولم يقل إن أعطي شكر هل بينهما فرق؟ نقول: نعم. بينهما فرق لأن إذا تدل على حصول ووقوع ما بعدها ليس مشكوكًا فيه بخلاف ماذا؟ بخلاف إن ولذلك يرد في القرآن {فَإِذَا جَاءتْهُمُ الْحَسَنَةُ} لأن الحسنة قادمة قادمة وعبّر بإذا لأن ما بعدها متحقق في الوقوع، وأما إذا كان عكس ذلك يؤتى بماذا؟ بإن، ولذلك يأتي {وَإِن تُصِبْك سَيِّئَةٌ} لأن السيئة من قبل نفسك أنت وليست من عند الله تعالى. حينئذ [إِذَا أُعْطِيَ] إذن العطاء العطاء متحقق أولاً؟ عطاء الله متحقق أم لا؟ متحقق ولا شك. إذن جاء بإذا هنا دون إن للدلالة على أن العطاء وما ذكر بعده في كل الجُمل الآتية كله متحقق من الله تعالى، وإنما البلاء كل البلاء من العبد نفسه لأنه قد يُعطي ولم يشكر أو يُبتلى ولا يصبر أو يذنب ولا يستغفر. حينئذ إذا انتفى مفعول هذه الأمور الثلاثة: العطاء والابتلاء والذنب إذا انتفى مفعولها نقول هذه من قِبل الإنسان نفسه وليس من عند الله تعالى. [مِمَّنْ إِذَا أُعْطِيَ] أعطي هذا فعل مغير الصيغة فعلٌ ماضٍ مغيّر الصيغة، حُذف الفاعل للعلم به لأن المعطي في الحقيقة هو الله وحده لا شريك له. حينئذ لما عُلم أنه لا معطي إلاّ الله صح له أن يحذف الفاعل للعلم به، وهذه قاعدة عامة عند أهل العلم [إِذَا أُعْطِيَ شَكَر] إذا أُعطي. أُعطي ماذا؟ العطاء المراد به الإحسان والفضل والمنة وهذه تكون في الدنيا وتكون في الآخرة. هنا لم يذكر المعطي ما هو؟ قال أُعطي.