أُعطي ماذا؟ حذف الجار والمجرور للدلالة على العموم قد يحذف القيد وقد يُذكر إذا أُريد التخصيص ذُكر وإذا أُريد العموم حينئذ نقول: حُذف محذوفهُ لعله [إِذَا أُعْطِيَ شَكَر] أُعطي ماذا؟ أُعطي كل شيء كل نعمة في الدنيا وفي الآخرة كل نعمة حسية أو معقولة معنوية، كل نعمة ظاهرة أو باطنة فهي من الله تعالى، ولذلك جاء في الحديث أذ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " وإنما أن قاسمٌ والله يعطي " وإنما أنا قاسم يعني الأحكام التي يتعلمونها من النبي - صلى الله عليه وسلم - هذه قسمة ظاهرية ظاهرة يعني والمعطي في الحقيقة هو الله عز وجل، فإذا أُسديت النعمة على يد بشرٍ فحينئذ تكون هذه وسيلة فقط في إيصال النعمة من عند الله تعالى إلى ذلك المعطي وإلاّ فهو وسيلة، والشكر حينئذ له وإليه يكون تابعًا لا استقلالاً، فإذا قيل بأن المعطي هو الله حقيقة لا يلزم من ذلك أن تكْفُرَ الناس وأن نجافي الناس! لا، نشكرهم على ما كان ما أجراه الله تعالى على أيديهم ثم الشكر يكون تبعًا لهم وليس استقلالاً، والشكر حقيقة إنما يكون لله تعالى [مِمَّنْ إِذَا أُعْطِيَ شَكَر] أعطي شكر حذف المعطي ليدل على العموم إذ هو عطاءٌ مطلق فيشمل العطاء الدنيوي والديني فكل نعمة ظاهرة أو باطنة محسوسة أومعقولة دينية أو دنيوية فهي من الله تعالى وحده حينئذ إذا أُعطي البشر قد يقابلون ذلك بماذا؟ أحد رجلين إذا أُنعم إلى الإنسان لا يخلو عن أحد حالين إما أن يشكر وإما أن يكفر والحال التي يثنى عليه بها هو الشكر لذلك قال إذا أُعطي شكر، شَكَرَ مَن؟ الله. شكر الله، حذف المفعول به لماذا؟ للعلم به لأنه إذا تقرر حقيقة أن المعطي هو الله فانحصر العطاء في الرب جل وعلا فقابلنا هذا العطاء والإعطاء بالشكر إنما يكون للمعطي حقيقة وهو الله تعالى وشكر الناس لا مانع منه بل ورد الشرع به لكنه تبعًا لا استقلالاً. [شَكَر] هذه جملة قال في القاموس: والشكر بالضم عرفان الإحسان ونشره يعني ذكره على اللسان وذكره بين الناس ولا يكون إلاّ عن يدٍ. ما المراد بيد هنا؟ النعمة يعني وليس هذا بتأويل، النعمة قد يعبر عنها في لسان العرب باليد وليس كل موضع جاء في القرآن يُفسر بالنعمة، وليس كل موضع جاء إطلاق اليد في القرآن يُفسر بأنه الصفة فيُنظر في كل آية على حِدَة. إذن الشكر بالضم عرفان الإحسان ونشره ولا يكون إلا عن يد يقال شَكَرَهُ تعدى بنفسه وله شُكرًا وشكورًا وشكرانًا وشكر الله ولله وبالله ونعمة الله يعني شكر نعمة الله وتشكَّر له بلاءه كشَكَرَهُ، والشكور الكثير الشكر {إِنَّهُ كَانَ عَبْداً شَكُوراً} يعني كثير الشكر. قال ابن القيم ـ رحمه الله تعالى ـ في المدارج: وأصل الشكر في وضَع اللسان ظهور أثر الغذاء في أبدان الحيوان ظهورًا بينًا، ظهور ماذا؟ أثر العلف تأكل فيظهر هذا أصل الشكر في لسان العرب ظهور أثر الغذاء في أبدان الحيوان ظهورًا بينًا. يقال شَكرتْ الدابة شَكِرَت كفَرِحَ تَشْكَرُ شَكَرًا إذا ظهر عليها أثر العلف وهذا ذكره صاحب القاموس أيضًا، ثم قال ـ رحمه الله ـ: هذا في لسان العرب، عرفنا أم المراد بالشكر.