[وَإِذَا ابْتُلِيَ صَبَرَ] الأول إعطاء ظاهره وباطنه أنه نعمة وهنا بلاء وابتلاء وظاهره أنه نقمة وفي الباطن أنه نعمة فهو داخل فيما سبق لأن الابتلاء هذا امتحان من الله جل وعلا ابتلوا الأنبياء والرسل والصدّيقون والعلماء كل من دعا إلى الحق على وجه صحيح فلابد من الابتلاء كما سيأتي [وَإِذَا ابْتُلِيَ] إذا ولم يقل إن ابتلي لأن البلاء متحقق وهو سنة الله تعالى في خلقه إذن لابد من البلاء لابد. لابد من الاختبار، لابد من الامتحان، شئت أم أبيت إذا دعوت إلى الحق لابد من الأذية باللسان بالقول بالبدن والأذية تختلف من عصر إلى عصر، وتختلف من حال إلى حال، وتختلف من حال الشخص المؤذي عن غيره، وحينئذ قد يكون الشيء في صورته أنه ها إحسان وفي الباطن أنه من الابتلاء [وَإِذَا ابْتُلِيَ] ابتلي هذا فعل ماضي مغير الصيغة، والفاعل محذوف قد يقال بأنه حذفهُ تأدبًا. لماذا؟ لأن الابتلاء في ظاهره عند القارئ، وعند السامع أنه شرٌ، الشر لا ينسب في الظاهر إلى الله تعالى. لا ينسب. الشر ليس إليه. حينئذ حذفه قد يقال: أنه تأدبًا مع الله تعالى، وإذا نظرنا إلى حقيقة الابتلاء قد يقال بأنه من قبيل إذا أُعطي فلا بلاء على الحق إلا من الله تعالى كما سيأتي. إذن حُذف فاعله إما تأدبًا، وإما للعلم به، وإما لهما معًا. [وَإِذَا ابْتُلِيَ صَبَرَ] الابتلاء قد يقابل بالصبر، وقد يقابل بالجزع. ما علامة السعادة؟ إذا قابله بالصبر، وإذا قابله بالجزع والهزع والتسخط باللسان والحال والمآل. حينئذ نقول: هذا سبيل الأشقياء وليس بسبيل السعداء. [وَإِذَا ابْتُلِيَ صَبَرَ] وصبر أي صبر على البلاء، وابتليته. وش مهناه؟ اختبرته وامتحنته. يقال: بلوته بلوًا وبلاءً، والاسم البلوى. بلوى هذا اسم لما يقع بالإنسان إذا ابتلي، ما حصل يقال أنه بلوى اسم، والبلاء يكون منحة ويكون محنة فتنة للإنسان، وقد ينجر وراءها فيتسخط، وقد يكون منحة، نعمة. فحينئذ يبتلى فيصبر ويحتسب ولا يتسخط فيكون له رفعة في الدرجات. إذن هو نوعان: يكون منحة ويكون محنة، فالله تعالى يبتلي عباده المؤمنين بالمكاره من الأعداء، أعداء الدين سواء كانوا ظاهرين، أم باطنيين، وسواء كانوا خارجين أم داخلين، فالعدو قد يكون خارجًا، وقد يكون ظاهرًا قد يكون داخلاً، فالعدو قد يكون مقابلاً لك بإسلامك لكفره كعداوة اليهود والنصارى، وقد يكون مسلمًا ومقابل لك في أصل الإسلام كمن يكون على السُنة وغيره على البدعة، فأهل البدع يحاربون أهل السُنة في كل زمان وفي كل مكان. حينئذ صار ماذا؟ صار بلاءً على أهل السُنة وقد يقع منهم من الأذية باللسان والمقال والبدن ونحو ذلك حينئذ يحتاج إلى مقابلة بالصبر. إذن الله تعالى يبتلي عباده المؤمنين بالمكاره من أعداء الدين ونحوهم. قال تعالى: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً}.