قال الأولى: معرفة الله، العلم ثم ذكر العلم، ثم العمل به الثانية، ثالثًا الدعوة إليه، رابعًا الصبر على الأذى فيه، قال: والدليل قوله تعالى: ... {وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْأِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} مضمون هذه الرسالة تمهيد لك يا طالب العلم أن طريق النجاة واحدٌ لا يتعدد، وأن الدين الذي شرعه الله عز وجل ولا نجاة لمن سلك غيره هو واحد، قال تعالى: {وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلامُ دِيناً} [المائدة: 3]، {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإسْلامُ} [آل عمران: 19] ولذلك قال ابن القيم رحمه الله:
فَلِوَاحِدٍ كُنْ وَاحِدًا فِي وَاحِدٍ ... أَعْنِي سَبِيْلَ الحَقِّ وَالإيْمَانِ
فلواحد بالله عز وجل، كن واحدًا في قصدك وتوجهك وإرادتك - توحيد القصد والإرادة - في واحدٍ أعني طريق الحق والإيمان، يعني الطريق الموصل إلى الجنة هو الإسلام كما أن الطريق الموصل إلى الشرع الصحيح وإلى الجنة هو النبي - صلى الله عليه وسلم -.
فالله جل وعلا يُوحَّد ويُفرد بالعبادة، كذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - يُوحَّد ويُفرد بالطاعة، كذلك الدين يُوحَّد ولا يشرك معه غيره، لا نقول: الإسلام قومية و .. إلى آخره، لا، إنما هو طريق واحد: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} [آل عمران: 85] إذًا أراد بهذه المقدمة أن يبين لنا هذا المعنى العظيم أنه لا نجاة إلا بسلوك هذه الطريق.
قال رحمه الله: (اعْلَمْ) هذا فعل أمر من العلم، والمراد بالعلم وما يتعلق بالإدراك هذا لا نحتاجه في هذا الموضع، لماذا؟ لأنه لا شأن لنا به، وإنما ذكر المصنف هذه الكلمة من باب التنبيه {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} [يونس: 62] وكقوله - صلى الله عليه وسلم -: «ألا أنبئكم بأكبر الكبائر». الحديث. يعني حث وتنبيه للسامع أن ما بعد هذه الأداة مما ينبغي أن يعتني به وأن يُصغي لهذا المذكور الذي سيأتي ذكره، إذًا هي كلمة تنبيه مثل (ألا) {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ}. وقد يأتي بالاستفهام أيضًا «أتدرون ما الغيبة». الحديث ونحو ذلك. نقول: هذا المراد به التنبيه.