هذا العلم قد يكون واجبًا وقد يكون مستحبًا. إذًا ما طلب الشارع فعله طلبًا جازمًا من العلم بحيث رتب العقوبة على ترك طلب هذا العلم، هكذا نُنَزِّل الحدّ على هذه المسألة، نقول: العلم منه واجب، وما حقيقة الواجب؟ ما طلب الشارع فعله يعني إيجاده طلبًا جازمًا بحيث رتب العقوبة على ترك هذا الفعل أو القول، فحينئذٍ نقول: بعض العلم واجب لو لم يطلبه المكلف حينئذٍ وقع في الإثم، ولذلك أوضح من الحدّ أو الحقيقة أن نقول: الواجب: ما يثاب فاعله امتثالاً ويعاقب تاركه أو يستحق العقوبة تاركه.
العلم كذلك قد يكون واجبًا فيثاب فاعله وطالبه ومحصِّله إذا نوى به القربة إلى الله عز وجل والامتثال، ويعاقب لو تركه، ومنه ما سيذكره المصنف هنا من العلم بهذه المسائل الأربعة. ومنه ما هو فرض كفاية.
واجبٌ عيني لتعلقه بكل عين، لا يجوز لأحد تركه، لا يعذر أحدٌ بجهله البتة، هذا العلم العيني. الواجب على كل فرد من أفراد المكلفين.
والواجب الكفائي: الذي يكون متعلقه بعض فئات الناس دون الآخرين
مَا طَلَبَ الشَّارِعُ أَنْ يُحَصَّلا ... دُوْنَ اعْتِبَارِ ذَاتِ مَنْ قَدْ فَعَلا
فيكون النظر إلى الفعل نفسه بقطع النظر عن الفاعل. فالعلم بالخلاف الفقهي مثلاً نقول: هذا واجب، العلم بأسانيد السنّة الأحاديث التي وقع فيها اختلاف تصحيحًا وتضعيفًا نقول: هذا واجب، لكن هل يجب على كل الأمة كما يجب التوحيد، أو يجب على البعض إن قاموا به سقط عن الآخرين؟
لاشك أنه الثاني، فنقول العلم بالخلاف، والعلم بالأسانيد، والعلم بالسنّة من جهة التصحيح والتضعيف، ومن جهة الاستنباط، ومن جهة تقعيد القواعد، ومن جهة تنزيل هذه القواعد على النصوص، نقول: هذا علم واجب لو تركه الكل أثموا، لو فعله البعض وقامت بهم الكفاية حينئذٍ سقط الإثم عن الباقين.
إذًا العلم مستحب، وقد يكون واجبًا، والواجب قد يكون فرض عين، وقد يكون فرض كفاية، وما عداه فهو مندوب إليه، سُنَّة.
إذًا العلم نقول: معرفة الهدى بدليله. وهو قسمان: فرض وسنة.
والفرض نوعان: فرض عين، وفرض كفاية.