وليس سبع سنين فحسب , بل ذكروا عن أبن عثمان الحيري من الصوفية القدامى المتوفي سنة 298 هـ أنه أختلى عشرين سنة لم ير أثناء هذه المدة الطويلة شبحاً من الناس , وبعد العشرين أمر بمخالطة الناس فخرج إليهم [2].
ولم يكتفوا بالعشرين , فيذكر الطوسي عن أبي عبد الله الصبيحي أنه لم يخرج ثلاثين سنة من بيت من تحت الأرض من كثرة إجتهاد وتعبّده , وكان إذا تكلّم بعلوم المعارف يدهش العالم [3].
ولو أقتصر الأمر على هذا إلا أنه قد تجاوز عن ثلاثين سنة أيضاً فذكروا عن حسين أبي علي الذي يعتقدون فيه أنه " كان من كمّل العارفين وأصحاب الدوائر الكبرى , يناول الناس والفضة " يذكرون عن وليهم وعارفهم هذا أنه " مكث نحو أربعين سنة في خلوة مسدود بابها ليس لها غير طاقة يدخل منها الهواء " [4].
فالحاصل أن الصوفية قد زيّن لهم الشيطان العبادات البدعية , وبغض إليهم السبل الشرعية , وحبب إليهم الخلوة والاعتزال ليحرموا ثواب الجماعة والجمعة ولم يعرف الصوفية أنه لم يبق طريق إلى الله إلا بإتباع محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه , وأن هذه العزلة والوحدة والاستغناء عن الأهل والولد وذوي الرحم وأصحاب القربى والأصدقاء والإخلاء , لمن الأعمال المخالفة للشريعة الإسلامية والموجبة للحرمان عن أجر السعي إلى ذكر الله وأداء الجمعة والاستماع إلى تلاوة القرآن الكريم والإصغاء ومعاشرة المسلمين بالبّر والصلة وحسن الخلق وتشييع الجنائز وعيادة المرضى وزيارة القبور وخدمة الوالدين وغيرها من الخلق الحسن , وفي الحديث أن رسول الله [1] طبقات الأولياء لأبن الملقن ص 274. [2] خزينة الأصفياء لغلام سرور اللاهوري ص 91 ط باكستان. [3] كتاب اللمع للطوسي ص 500. [4] الطبقات الكبرى لعبد الوهاب الشعراني ج 2 ص 88.
نام کتاب : دراسات في التصوف نویسنده : إحسان إلهي ظهير جلد : 1 صفحه : 98