بيت المال. ثم لما حضرته الوفاة أمر عائشة أن ترد إلى بيت المال ما كان قد دخل في ماله من مال المسلمين، فوجدت جرد قطيفة لا يساوي خمسة دراهم، وحبشية ترضع ابنه، وعبدًا حبشيًا، وناضحًا، فأرسلت بذلك إلى عمر فقال: عبد الرحمن بن عوف له: أتسب هذا عيال أبي بكر؟ فقال: كلا ورب الكعبة لا يتأثم منه أبو بكر في حياته وأتحمله أنا بعد موته. وقال: يرحمك الله يا أبا بكر لقد أتعبت الأمراء بعدك [1][2] .
أشجع الناس بعد الرسول - صلى الله عليه وسلم -
الشجاعة تفسر بشيئين. أحدهما: قوة القلب وثباته عند المخاوف. والثاني: شدة القتال بالبدن بأن يقتل كثيرًا ويقتل قتلاً عظيمًا.
والقتال يحتاج إلى التدبير والرأي، ويحتاج إلى شجاعة القلب وإلى القتال باليد. وهو إلى الرأي والشجاعة في القلب في الرأس المطاع أحوج منه إلى قوة البدن.. والشجاعة إنما فضلها في الدين لأجل الجهاد في سبيل الله. وإلا فالشجاعة إذا لم يستعن بها صاحبها على الجهاد سبيل الله كانت إما وبالاً عليه إن استعان بها صاحبها على طاعة الشيطان، وإما غير نافعة له إن استعملها فيما لا يقربه إلى الله.
وأبو بكر رضي الله عنه كان أشجع الناس، لم يكن بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أشجع منه، هو أشجع من عمر، وعمر أشجع من عثمان، وعلي وطلحة والزبير. وهذا يعرفه من يعرف سيرهم [1] جـ4/ 129 جـ 1/217. [2] ونقل الشيخ عن ابن حزم عزوف أبي بكر عن المال (منهاج جـ4/130) وفتح الباري جـ7/13 وروى الزبير بن بكار عروة عن عائشة أنه لما مات ما ترك دينارًا ولا درهمًا.