بجرانه، وألقى بركه [1] ، ورست أوتاده، ودخل الناس في دين الله أفواجًا، ومن كل فرقة أرسالاً وأشتاتًا، اختار الله لنبيه ما عنده. فلما قبض الله نبيه نصب الشيطان روقه [2] ، ومد طنبه، ونصب حبائله، فظن رجال أن قد تحققت أطماعهم، ولات حين الذي يرجون، وأنى والصديق بين أظهرهم، فقام حاسرًا مشمرًا، فجمع حاشيته، ورفع فطرته [3] ، فرد نشر الإسلام على غره [4] ، ولم شعثه بطبه، وأقام أوده بثقافه [5] ، فوقذ النفاق بوطئته [6] ، فانتاش الدين بنعشه [7] ، فلما أراح الحق على أهله [8] ، وقرر الرؤوس على كواهلها [9] ، وحقن الدماء في أهبها [10] ، أتته منيته، فسد ثلمه بنظيره في المرحمة، وشقيقه في السيرة [1] حتى إذا ضرب الحق بجرانه، أي قر قراره واستقام، كما أن البعير إذا برك واستراح مد عنقه على الأرض (النهاية) . [2] ضرب الشيطان روقه: الروق: الرواق، وهو ما بين يدي البيت، وقيل: رواق البيت سماوته وهي الشقة تكون دون العليا، ومنه حديث الدجال «فيضرب رواقه فيخرج إليه كل منافق» أي فسطاطه وقبته وموضع جلوسه. (النهاية) . [3] حاشية كل شيء جانبه وطرفه. [4] فرد نشر الإسلام على غره، أي: على طيه وكسره. يقال: اطو الثوب على غره الأول كما كان مطويًا. أرادت تدبيره أمور الردة، ومقابلة دائها بدوائها. (النهاية) . [5] وأقام أوده بثقافة. الأود: العوج. والثقف: تقويم المعوج. [6] فوقذ النفاق. وفي رواية الشيطان، أي كسره ودمغه. (النهاية) . [7] فانتاش الدين بنعشه. أي استدركه بإقامته من مصرعه. ويروي: انتاش الدين فنعشه. بالفاء، على أنه فعل (النهاية) . [8] فلما أراح الحق على أهله، أي أعاد الزكاة التي منعتها العرب إلى مستحقيها (أفاده بعض الشراح) . [9] وقرر الرءوس على كواهلها: أي أثبتها في أماكنها، كأنها كانت مشفية على الذهاب والهلاك. والكواهل جمع كاهل، وهو مقدم أعلى الظهر. (النهاية) . [10] وحق الدماء في أهبها. أي في أجسادها. (النهاية) .