فالماء واحد .. والوعاء واحد .. واللقاح واحد .. والنتاج مختلف.
فسبحان الذي أعطى الذكر الذكورية، والأنثى الأنوثية: {لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ (49) أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ (50)} [الشورى: 49، 50].
وجعل سبحانه المعدة خزانة يستقر فيها الغذاء، فتطبخه كالطباخ، وتسلمه لمن ينتفع به، فالإنسان يطبخ الطعام في الخارج، حتى يظن أنه قد كمل، وطباخه من الداخل يعاني من نضجه وطبخه ما لا تهتدي إليه، ولا تقدر عليه.
فهو يوقد عليه نيراناً تذيب الحصى، وتذيب ما لا تذيبه النار، وهي في ألطف موضع منك، لا تحرقك ولا تلتهب عليك، وهي أشد حرارة من النار.
وجعل سبحانه في بدنك المنافذ والأبواب، لإدخال ما ينفعك، وإخراج ما يضرك .. فهل من عاقل .. ؟ وهل من ذاكر .. ؟ وهل من شاكر .. ؟
فسبحان الخلاق العليم الذي خلق لك الحواس، وجعلها في الرأس كالمصابيح فوق المنارة لتتمكن بها من مطالعة الأشياء.
وجعل سبحانه الحواس خمساً في مقابل المحسوسات الخمس، كي لا يبقى شيء من المحسوسات لا يناله بحاسة:
فجعل البصر في مقابلة المبصرات .. وجعل السمع في مقابلة الأصوات، وجعل الشم في مقابلة الروائح .. وجعل الذوق في مقابلة المذوقات .. وجعل اللمس في مقابلة الملموسات .. فأي محسوس بقي بلا حاسة؟.
وأعينت هذه الحواس بمخلوقات أخر لتكمل بها منفعتها:
فأعينت حاسة البصر بالضياء والنور .. وأعينت حاسة السمع بالهواء الذي ينقل الأصوات .. وأعينت حاسة الشم بالنسيم اللطيف .. وأعينت حاسة الذوق بالريق المتحلل في الفم .. وأعينت حاسة اللمس خاصة بقوة جعلها الله فيها تدرك بها الملموسات، ولم تحتج إلى شيء من خارج.
فسبحان من أخرج الكلام من هواء ساذج في باطن الإنسان، وأخرج من