ونعم الله على عباده تفوت الحصر، وأعظمها نعمة الإسلام، وما بدلت البشرية هذه النعمة إلا أصابها العقاب الشديد في الدنيا قبل عقاب الآخرة، كما حصل لبني إسرائيل حين بدلوا نعمة الله، وأبوا الطاعة والاستسلام لله، وكانوا دائماً في موقف الشاك المتردد .. ونقضوا العهد والميثاق.
فماذا حصل لهم؟ .. وماذا حل بهم؟.
لقد: {ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (112)} [آل عمران: 112].
وأمم من المسلمين اليوم بدلوا نعمة الله، فحل بهم ما حل ببني إسرائيل، فهي تعاني العقاب الشديد، وتتمرغ في الشقوة والنكد، وتعاني القلق والحيرة، ويأكل بعضها بعضاً، ويأكل الفرد منها نفسه وأعصابه، والكل يعيش في حيرة قاتلة لا طمأنينة فيها ولا سلام.
وإن هو إلا عقاب الله لمن حاد عن منهجه ورد دعوته: {وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (211)} [البقرة: 211].
ومن سافر بفكره أو ببصره في أحوال العالم الخاصة والعامة استغنى عن تعريف غيره له، وساءه انبطاح الأمة للشياطين والفجار.
وجميع المجتمعات البشرية المحرومة من نعمة الإسلام، مجتمعات بائسة، ولو غرقت في الرغد المادي، خاوية ولو تراكم فيها الإنتاج، قلقة ولو توفرت لها الحريات والأمن والسلام.
وهذه الأمم الكافرة تمضي في الأرض كالبهائم تأكل وتستمتع كما تأكل الأنعام وتستمتع، وقد تنطح وترفس كالبهيمة، أو تفترس وتنهش كالوحش، وتزاول الطغيان والجبروت، والبغي والبطش، وتنشر الفساد، ثم تمضي ملعونة من الله، ملعونة من الناس: {أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (87)} [آل عمران: 87].