التفكر في جميع آيات اللَّه التي دعا اللَّه تعالى العباد إلى التفكر فيها)) [1]، المنبثقة في ملكوت السموات والأرض، وأن كل آية تدلّ على كمال وحدانيته جلّ وعلا، وأن آياته لم تخلق عبثاً، وإنما فيها من بديع الحكم ما يستنير منها أهل الإيمان، فيزدادون إيماناً وهدى، ومفتاح إلى طريق كسب العلم والمعرفة، واليقين إلى كسب العلم والمعرفة.
فلما فرّوا بدينهم ممن كان يطلبهم من الكافرين، وبذلوا السبب في ذلك اشتغلوا بأهم الأسباب: التضرّع إلى اللَّه واللجوء إليه بالدعاء، فقالوا: {رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً}: سألوا اللَّه تبارك وتعالى ((أنْ يمنَّ عليهم برحمة عظيمة، كما أفاد التنوين في {رَحْمَةً} تناسب عنايته باتّباع الدين الذي أمر به، وهو ما يشير إليه قوله تعالى: {مِنْ لَدُنْكَ}، فإن {مِنْ}، تفيد معنى الابتداء، و {لَدُنْكَ}: تفيد معنى العندية، فذلك أبلغ ما لو قالوا: آتنا رحمة؛ لأن الخلق كلهم بمحل الرحمة)) [2]، فسألوا رحمة خاصة من ربهم جلَّ وعلا تقتضي كمال العناية بهم، وتفيض عليهم من كمال الإحسان والإنعام.
وقوله: {وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا} أي يسِّر لنا وسهِّل علينا الوصول إلى طريق الهداية والرشاد في الأقوال والأفعال في أمر ديننا ودنيانا. [1] تفسير ابن سعدي، 5/ 12. [2] تفسير ابن عاشور، 15/ 25.