((حيث جمعوا بين السعي والفرار من الفتنة إلى محل يمكن الاستخفاء فيه، وبين تضرّعهم وسؤالهم اللَّه - عز وجل - تيسير أمورهم، وعدم اتكالهم على أنفسهم، وعلى الخلق)) [1]، فجعل اللَّه لهم مخرجاً، ورزقهم من حيث لا يحتسبون، وهي سُنّة اللَّه تعالى التي لا تتبدل مع المتقين الصادقين، قال تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} [2].
وهذا السؤال من المؤمنين كان أيضاً من هدي المصطفى - صلى الله عليه وسلم - في سؤاله لربه - عز وجل -: ((اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَهْدِيكَ لأَرْشَدِ أَمْرِي)) [3]، ((وَمَا قَضَيْتَ لِي مِنْ قَضَاءٍ، فَاجْعَلْ عَاقِبَتَهُ رَشَدًا)) [4].
تضمنت هذه الدعوة المباركة من الفوائد العظيمة الفوائد الآتية:
1 - ينبغي الفرار من الأماكن التي لا يستطيع العبد القيام بدينه فيها، وإن ذلك من أوجب الواجبات.
2 - ((أنَّ من أوى إلى اللَّه تعالى، أواه اللَّه تعالى ولطف به، وجعله [1] تفسير السعدي، 5/ 13. [2] سورة الطلاق، الآيتان: 2 - 3. [3] مسند الإمام أحمد، 26/ 199، برقم 26296، مصنف ابن أبي شيبة، 10/ 282، برقم 30007، وصحيح ابن حبان، 3/ 183، برقم 901، والدعوات الكبير، للبيهقي، ص 142، والمعجم الكبير للطبراني، 9/ 53، برقم 8369، والمعجم الصغير له أيضاً، 2/ 8، برقم 682، وصححه الألباني في صحيح موارد الظمآن، برقم 2095. [4] الأدب المفرد، للبخاري، ص 222، ومسند الطيالسي، 3/ 148، والدعوات الكبير للبيهقي، ص 288، وصححه الألباني في صحيح الأدب المفرد، ص 243.