نام کتاب : ذكريات نویسنده : الطنطاوي، علي جلد : 1 صفحه : 200
يقعد في بلاسه واللي يحكي نعمل له البونيسيون" [1]. وكانت لهجته تونسية، أخرج طالباً مرة إلى اللوح ليترجم فقال له: "مْلك عْطش ملقاما"، أي "ملك عطش ما لقي ماءً"، سكّن حروفها كلها ودمج كلماتها دمجاً ووصل أوائل تواليها بأواخر أواليها [2]، فما فهم الطالب، فغضب وقال: نكلموك بالعربي ما تفهمش؟!
وقد درسنا قواعد الفرنسية (الكرامير) ولا أزال أحفظ أكثر ما درست، وفقه اللغة (philologie) والصوتيات (phonetique)، ودرسنا أدبها دراسة عميقة: الأدب الإتباعي (الكلاسيكي) وحفظنا طائفة صالحة من كورناي وراسين وموليير ولافونتين وبوالو، وخطب بوسويه وأقوال لاروشفوكلد ولابرويير. ثم درسنا مونتسكيو وفولتير وديدرو وبوفون، ثم درسنا روسو وشاتوبريان ولامارتين وموسه وصاحبته جورج صاند [3] وهوغو، ولا أزال أحفظ قصيدته «نابليون الثاني» وكلماته الرائعة لنابليون عن المستقبل. ودرسنا دوماس وبلزاك وفلوبير وموباسان، ودرسنا مذاهب سانت بوف وتين وبرونتيير في النقد. لكن لا تسألوني اليوم عنها ولا تمتحنوني فيها، فقد مرّ عليّ مُذْ ودّعت الدراسة الثانوية وطويت كتب الفرنسية ثلاثٌ وخمسون سنة [4]. [1] شاكان «chacun» أي كل واحد، بلاسه أي محله، البونيسيون «punition» أي العقوبة. [2] الأوالي: الأوائل. [3] هي أديبة معروفة تسمّت باسم رجل هو جورج صاند، وكانت صاحبة موسه كتب عنها وكتبت عنه. [4] من سنة 1928 إلى الآن.
نام کتاب : ذكريات نویسنده : الطنطاوي، علي جلد : 1 صفحه : 200