نام کتاب : ذكريات نویسنده : الطنطاوي، علي جلد : 1 صفحه : 201
وأنا من الأصل لم أُحسِن النطق بها لأني كنت أضنّ بكرامتي أن أخطئ فيسخر السامعون مني، لذلك أقمت في مصر سنوات (متفرقات) وفي العراق سنوات وفي لبنان سنة، ولي في السعودية الآن نحو عشرين سنة متصلة، وما تعلّمْت في ذلك كله شيئاً من لهجات هذه البلاد ولا بدّلت من لهجتي شيئاً، أما السبب فهو الذي ذكرت.
* * *
أما أجلّ ما استفدته من مكتب عنبر فهو التمكّن من العربية وعلومها، والعفو منكم فما أقول هذا ادّعاءً ولا فخراً، ولكن تحدّثاً بنعمة الله عليّ. وأكبر الفضل في ذلك بعد الله للمبارك والجندي.
أُقيمَت حفلة تأبين للجندي في جامعة دمشق سنة 1955، ألقَيتُ فيها كلمة طويلة كان ممّا قلت فيها: "فهمت أنه قد مضى الرجل الذي لم يبقَ تحت أديم السماء -فيمن أعرفه أو أسمع به من الناس- مَن هو أعلم منه بلسان العرب اشتقاقاً ونحواً وبلاغة وعَروضاً ورواية وضبطاً، ولا مَن هو أوفى لها وأغيَر عليها. وأنه لم يَعُد في ديار الشام من أذهب إليه أنا والأفغاني والعطار كلما دهمتنا عِظام المشكلات في العربية، نحملها إليه ليحلّ لنا عُقَدها. وأن علينا بعد اليوم أن نعتمد على أنفسنا، كما يعتمد الضابط على نفسه حين يفتقد القائد العبقري وسط المعمعة الحمراء. وهيهات أن يسدّ أحدٌ مكان قائد المعركة بين العربية والعجمة، حجّة العرب سليم الجندي".
نام کتاب : ذكريات نویسنده : الطنطاوي، علي جلد : 1 صفحه : 201