نام کتاب : ذكريات نویسنده : الطنطاوي، علي جلد : 1 صفحه : 240
يعود إليه ولا بالذكرى، لذلك نسيت أكثر أحداثها.
كانت كصفحات دفتر أصابها الماء فطمس سطورها، إلا كلمات متفرقات بقيت واضحات، هذه الكلمات هي التي أسجّلها في هذا الفصل.
* * *
كانت نهضة المشايخ قد بدأت قبل وفاة أبي، ولقد شهدتُ جلساتهم معه يتداولون في أمر افتتاح المدرسة التجارية التي كان والدي مديرها في أثناء الحرب الأولى، لأن من أكبر مقاصد حركة المشايخ (أو «نهضة المشايخ» كما دعُيَت) إخراج الأولاد من مدارس الحكومة، ولا يتحقق هذا إلا بفتح مدارس تُغني عنها. فلذلك أُنشِئت «الجمعية الغرّاء»، وقد كانت أول الأمر بإشراف الشيخين اللذين قاما بهذه النهضة وهما الشيخ علي الدقر والشيخ هاشم الخطيب [1]، ثم أدركها داؤنا المزمن الذي يصيب كل حركة إسلامية، وهو الاختلاف والانقسام، فاستقلّ الشيخ علي بالغرّاء وأنشأ الشيخ هاشم «جمعية التهذيب والتعليم».
لقد كان يؤمَل من هذه الحركة أن يكون لها آثار أعمق وأبقى، ولكنها (ونحن نكتب هنا للتاريخ لا للمدح والذم، ولبيان [1] في «رجال من التاريخ» مقالة عن الشيخ علي الدقر فيها حديث عن هذه النهضة، في أولها أن الشيخ هو "الرجل الذي هزّ دمشق من أربعين سنة هزّة لم تعرف مثلَها من مئتَي سنة، وصرخ في أرجائها صرخة الإيمان فتجاوبت أصداؤها في أقطار الشام واستجاب لها الناس، وأعانه عليها زميله وصديقه الشيخ هاشم الخطيب" (مجاهد).
نام کتاب : ذكريات نویسنده : الطنطاوي، علي جلد : 1 صفحه : 240