نام کتاب : دليل الواعظ إلى أدلة المواعظ نویسنده : شحاتة صقر جلد : 1 صفحه : 604
آلهتهم. إنه منطق الحديد والنار الذي لا يعرف أعداء الإسلام منطقًا سواه؛ عندما تعوزهم الحجة وينقصهم الدليل. وحينما تحرجهم كلمة الحق الخالصة ذات السلطان المبين.
{فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا} ليقتلوه أشنع قتلة {فَجَعَلْنَاهُمُ الأسْفَلِينَ} رد الله كيدهم في نحورهم، وجعل النار على إبراهيم بردًا وسلامًا. وأين يذهب كيد العباد إذا كان الله يريد؟ وماذا يملك أولئك الضعاف المهازيل من الطغاة والمتجبرين وأصحاب السلطان وأعوانهم من الكبراء إذا كان الله - عز وجل - يدافع عن عباده المخلصين؟ لقد أرادوا به الهلاك في النار التي أسموها الجحيم. وأراد الله أن يكونوا هم الأسفلين؛ ونجاه من كيدهم أجمعين.
• مهاجر إلى الله - عز وجل -:
ولما فعلوا فيه هذا الفعل، وأقام عليهم الحجة، وأعذر منهم، {قال إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي} أي: مهاجر إليه، قاصد إلى الأرض المباركة أرض الشام. {سَيَهْدِينِ} يدلني إلى ما فيه الخير لي، من أمر ديني ودنياي، وقال في الآية الأخرى: {وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا}.
عندئذ استدبر إبراهيم مرحلة من حياته ليستقبل مرحلة؛ وطوى صفحة لينشر صفحة: {قال إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي} هكذا .. إني ذاهب إلى ربي .. إنها الهجرة. وهي هجرة نفسية قبل أن تكون هجرة مكانية. هجرة يترك وراءه فيها كل شيء من ماضي حياته. يترك أباه وقومه وأهله وبيته ووطنه وكل ما يربطه بهذه الأرض، وبهؤلاء الناس. ويدع وراءه كذلك كل عائق وكل شاغل. ويهاجر إلى ربه متخففًا من كل شيء، طارحًا وراءه كل شيء، مسلِمًا نفسه لربه لا يستبقي منها شيئًا. موقن أن ربه سيهديه، وسيرعى خطاه، وينقلها في الطريق المستقيم.
نام کتاب : دليل الواعظ إلى أدلة المواعظ نویسنده : شحاتة صقر جلد : 1 صفحه : 604