بن عياض وشيخ الإسلام ابن تيمية والعراقي وغيرهم، بل حكى ابن عبد البر وغيره الإجماع على ذلك [1].
الحالة الثانية: أن يكون أكثر ماله من الحرام لكن لا يعلم عين الحرام. ففي هذه الحالة اختلف أهل العلم في ذلك على أقوال:
القول الأول: تحريم الأكل حكاه ابن مفلح [2] قولا في المذهب (3)
وهو رواية عن الإمام أحمد، وقطع به ابن الجوزي وذكر الشيخ تقي الدين أنه أحد الوجهين. [1] انظر في ذلك مصنف عبد الرزاق (8/ 150، 152) الفتاوى (32/ 215) جامع العلوم والحكم (1/ 199، 200) الآداب الشرعية (1/ 441) طرح التثريب (7/ 75). [2] الآداب الشرعية (1/ 443، 444).
(3) هناك قول في هذه المسألة في المذهب وهو التحريم مطلقًا حتى ولو كان أكثر ماله حلالاً ومنهم من حدده بالثلث، فإذا زاد حرم، كما حكاه ابن مفلح في الآداب الشرعية (1/ 441) ودليلهم هو دليل القول الأول، لكن الأظهر جواز ذلك.
قال: شيخ الإسلام ابن تيمية عن الرجل إذا كان أكثر ماله حلالاً، وفيه شبهة قليلة، فإذا أضاف الرجل أو دعاه هل يجيبه أم لا؟
فقال: الحمد لله إذا كان في الترك مفسدة من قطيعة رحم أو فساد ذات البيت ونحو ذلك، فإنه يجيبه لأن الصلة وصلاح ذات البين واجب فإذا لم يتم إلا بذلك كان واجبًا وليست الإجابة محرمة.
أو يقال إن مصلحة ذلك الفعل راجحة على ما يخاف من الشبهة وإن لم يكن فيه مفسدة بل الترك مصلحة تقوية الشبهة ونهى الداعي عن قليل الإثم وكان في الإجابة مصلحة الإجابة فقط وفيها مفسدة الشبهة فأيهما أرجح؟
هذا فيه خلاف فيما أظنه وفروع هذه المسألة كثيرة قد نقل أصحابنا وغيرهم فيها مسائل قد يرجح بعض العلماء جانب الترك والورع ويرجح بعضهم جانب الطاعة والمصلحة. الفتاوى (32/ 214، 215).
وقال ابن رجب: وإذا كان أكثر ماله الحلال جازت معاملته والأكل من ماله، وقد روى الحارث عن علي أنه قال في جوائز السلطان لا بأس بها ما يعطيكم من الحلال أكثر مما يعطيكم من الحرام، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه يعاملون المشركين وأهل الكتاب مع علمهم أنهم لا يجتنبون الحرام كله. جامع العلوم والحكم (1/ 200).