وقد تعقب شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - القول بهذا الشرط فقال عقب قول صاحب التغريب والبلغة: ولم أره لغيره من أصحابنا وقد أطلق الإمام أحمد - رحمه الله - الوجوب واشترط الحل وعدم المنكر.
فأما هذا الشرط فلا أصل له كما أن مخالطة هؤلاء في صفوف الصلاة لا تسقط الجماعة، وفي الجنازة لا تسقط الحضور فكذلك ههنا.
وهذه شبهة الحجاج بن أرطأة وهو نوع من التكبر فلا يلتفت إليه.
نعم إن كانوا يتكلمون بكلام محرم فقد اشتملت الدعوة على محرم وإن كان مكروهًا فقد اشتملت على مكروه.
وأما إن كانوا فُسَّقًا لكن لا يأتون بمحرم ولا مكروه لهيبة المجلس فيتوجه أن يحضر إذ لم يكونوا ممن يهجرون مثل المستترين [1].
وعلى هذا فلا يدخل هذا في الشروط إلا إذا كانوا يتكلمون بكلام محرم أو مكروه، فيكون محله الشرط الأول إذا اشتملت الدعوة على منكر والله أعلم.
الشرط الخامس [2]: أن لا تكون الدعوة للخوف من شر المدعو أو الطمع في جاهه [3].
فإذا كانت الدعوة ليست خالصة بل دعاه لاتقاء شره أو رغبة فيما عنده من جاه أو غيره لم تجب الإجابة. [1] الإنصاف (8/ 319). [2] هذا الشرط يتعلق بالدعوة من حيث الإخلاص فيها، وله تعلق بالداعي أيضًا من حيث الإخلاص. [3] ذكر هذا الشرط النووي في شرح مسلم (9/ 234) والطيبِي في شرح المشكاة (6/ 295) والمرداوي في الإنصاف (8/ 318) والحافظ في الفتح (9/ 242) والشوكاني في النيل (6/ 202) والصنعاني في السبل (3/ 273) وصاحب عون المعبود (10/ 203).