نام کتاب : تبصير المؤمنين بفقه النصر والتمكين في القرآن الكريم نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 566
لقد اهتمت الدولة الإسلامية بكل رعاياها حتى المولود الذي يولد في الإسلام, فهذا مثل رائع يدل على هذا الاهتمام، كان الفاروق - رضي الله عنه - يفرض لكل من بلغ سن الفطام عطاء من بيت مال المسلمين، فكان الآباء ينتظرون بشوق ليوم فطام أبنائهم إذ يذهبون بهم إلى صاحب الديوان، فيسجل أسماءهم وعطاءهم السنوي، ولعل بعض الناس كانوا يعجلون فطام أبنائهم من أجل العطاء فيضرون بالأبناء ويستفيدون بالعطاء وما كان عمر يعلم ذلك.
وبينما الفاروق يحرس في قافلة دخلت المدينة ليلا، وكان معه عبد الرحمن بن عوف سمع صوت بكاء طفل، فتوجه نحوه، فقال لأمه: اتقي الله وأحسني إلى صبيك، ثم عاد إلى مكانه، فلما كان آخر الليل سمع بكاءه فأتى أمه فقال: ويحك إني لأراك أم سوء، ما لي أرى ابنك لا يقر منذ الليلة؟
قالت: يا عبد الله قد أبرمتني منذ الليلة (أي أضجرتني) إني أريغه [1] عن الفطام فيأبى، قال: ولم؟ قالت: لأن عمر لا يفرض إلا للفطيم، قال: وكم له؟ قالت: كذا وكذا شهرًا، قال: ويحك يا تعجليه، فصلى الفجر وما يتبين الناس قراءته من غلبة البكاء، فلما سلم قال: لا بؤسًا لعمر كم قتل من أولاد المسلمين، ثم أمر مناديا فنادى: أن لا تعجلوا صبيانكم عن الفطام فإنا نفرض لكل مولود في الإسلام وكتب بذلك إلى الآفاق [2].
ونستخلص من الحادثة عدة أمور:
- إحاطة الفاروق المباشرة بشئون الرعية وتتبعه أخبارهم بنفسه حيث علم بقدوم القافلة ومنزلهم.
- القدوة الحسنة منه حيث أخذ معه سيدا آخر من عظماء الصحابة هو عبد الرحمن بن عوف لحراسة القافلة ولم يكلف أحدا من المسلمين. [1] أريغه عن الفطام: أي أريده أن ينفطم. [2] مجمع الزوائد (6/ 6، 7) وصحح الحديث.
نام کتاب : تبصير المؤمنين بفقه النصر والتمكين في القرآن الكريم نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 566