لذلك لا بد من تدريس الأخلاق نظريًّا، وممارستها واقعيًّا، وعدم التهاون فيها، ومراقبة السلوك الحسن والخلق الحميد داخل المدارس والمؤسسات، وجميع مناشط الحياة، بل لا بد أن تختم المواد كلها هذا الهدف السامي، وتؤكده، ولا بد أن تسود المناشط التربوية كلها؛ لتعميق معانيه، وترسيخ أسسه، وعلى الدعاة أن يهتموا بذلك غاية الاهتمام.
ثالثًا: نشر العلم والثقافة:
نشر العلم والثقافة من أهداف التربية الإسلامية، والملاحظ أن المجتمعات الإنسانية كلها في الشرق والغرب، تتخذ نشرَ الثقافة ونقلها بين الأجيال هدفًا أساسيًّا في نظامها التربوي، والإسلام دعا أول ما دعا إلى جعل التعليم فريضة على كل مسلم رجلًا كان أو امرأة، فالتعليم كما هو هدف فهو وسيلة إلى الهدفين السابقين - أعني: إخلاص العبادة لله، وتربية الأخلاق- لا شك أن هذا الهدف السامي النبيل ألا وهو نشر العلم والثقافة هدف نبيل أيضًا، ووسيلة إلى تحقيق الهدفين السابقين، ووسيلة أيضًا لفهم الحقائق الاجتماعية والسياسية والروحية.
فقد كانت الأمة الإسلامية كلها أول الأمر في مدرسة واحدة، هي مدرسة محمد -صلوات الله وسلامه عليه- التي كانت تعلم وتثقف، وترسل الدعاة والمعلمين، وتفتدى الأسرى إذا ساهموا في نشر التعليم، ويحث المتعلمين على القيام بواجب التعليم والتثقيف، ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم؛ لعلهم يحذرون، وقال الرسول -صلى الله عليه وآله سلم- لمعاذ: ((لئن يهدي الله بك رجلًا واحدًا خير لك من حُمْر النَّعم)).
والقرآن يحث على طلب العلم والسعي في سبيله، قال تعالى: {فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} (التوبة: 122) وقال -تبارك وتعالى-: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} (النحل: 43)