ومن لوازم الملك التام: التصرف التام في المملوك، ولهذا فإن لله وحده حق التصرف المطلق في جميع المخلوقات.
ثانيًا: المال مال الله، والمال: هو ما يتموله الإنسان، ويستفيد منه، ويمكن إحرازه، وكل ما تحت سلطة الإنسان هو مما أعطاه الله إياه، ومما مَلَّكَهُ اللَّهُ تَعَالَى إياه، فَمَا أُعْطِيتَهُ أَنْتَ -أيها الإنسان- هُوَ من جملة ما في هذا الكون الذي هو كله بيد رب العزة والجلال، وهو كله ملك لله -سبحانه وتعالى- وَأَنَّ اللَّهَ تعالى هو مالكه على الحقيقة، ولذلك أشار القرآن الكريم إلى ذلك في قوله: {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} (النور: من الآية: 33) فما عندك أنت -أيها الإنسان- من مال هو في الحقيقة من الله -تبارك وتعالى- وهذا من لوازم -أو من مقتضيات- العقيدة التي يجب أن يفهمها الإنسان.
ثالثًا: تسخير الله تعالى مَخْلُوقَاتِهِ لِنَفْعِ الْإِنْسَانِ؛ فَاللَّهُ تَعَالَى -بمحض فضله- سَخَّرَ للإنسان ما خَلَقَهُ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ؛ لِيَنْتَفِعَ بِهِ، وهَيَّأَ لها سُبُلَ هَذَا الانْتِفَاعِ بِمَا أَوْدَعُهُ لِلْإِنْسَانِ مِنْ عَقْلٍ وَجَوَارِحَ، يَسْتَطِيعُ بِهَا الاهْتِدَاءَ إِلَى سُبُلِ الانْتِفَاعِ بِمَا خَلَقَهُ اللَّهُ تَعَالَى؛ قال ربنا -تبارك وتعالى-: {وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ} (الجاثية: من الآية: 13) وقال جل ذكره: {أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً} (لقمان: من الآية: 20) وقال تعالى -ممتنًّا على الإنسان بما أودعه فيه مما يستطيع به الاهتداء إلى سبل الانتفاع بما خلقه الله له-: {قُلْ هُوَ الَّذِي أَنشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمْ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ} (الملك: 23).
وكما أشرت؛ الملك الحقيقي لله -تبارك وتعالى- ومع هذا فقد أَذِنَ الله -بمحض فضله- للإنسان أن يختص بالانتفاع بالمال والتصرف فيه، وأضافه الله إليه، وسماه مالكًا له؛ كما قال الله تعالى في كتابه: {وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (البقرة: 188)