فالبشَر أنواع شتّى تختلف عقائدُهم وتتباين أفكارهم ومذاهبهم، وكلّ منهم يؤمن بما يعتقده، سواء كان صواباً أو خطأً.
والمؤمنون بالله حقّ الإيمان يعتقدون عن علمٍ ويقينٍ اعتقاداً جازماً، بأن الله ربّ كلّ شيء ومليكه، وخالقه والقائم على حفظه، والمتصرّف فيه، وأنه -سبحانه وتعالى- الذي يستحقّ وحْده أن يُفرَد بالعبادة، من صلاة وصوم ودعاء، ورجاء وخوف، وذل وخضوع، وأنه سبحانه مُتّصف بصفات الجلال والكمال، ومُنزّه عن كلّ ما لا يليق بذاته. وتوحيد الله -تبارك وتعالى- وطاعته، والتزام أوامره واجتناب نواهيه، هو جوهر دعوات الأنبياء والمرسلين، قال تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلاَلَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ} (النحل:36).
وقال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ} (الأنبياء:25).
والإيمان بالله يتضمّن:
"توحيده في ثلاثة: في ربوبيّته، وفي ألوهيّته، وفي أسمائه وصفاته. ومعنى توحيده في هذه الأمور: اعتقاد تفرّده سبحانه بالرّبوبية، والألوهية، وصفات الكمال وأسماء الجلال؛ فلا يكون العبد مؤمناً بالله حتى يعتقد أنّ الله ربّ كلّ شيء ولا ربّ غيره، وإله كلّ شيء ولا إله غيره، وأنه الكامل في صفاته وأسمائه ولا كامل غيره".
ولقد جاء القرآن الكريم متضمِّناً أركان الإيمان وأسُس العقيدة في مواضع كثيرة في الذِّكر الحكيم، ومن ذلك قوله تعالى: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} (البقرة:285).