فقد اشتملت هذه الآية على أركان الإيمان، وهي: الإيمان بالله، الإيمان بالملائكة، الإيمان بالكتب السماوية، الإيمان بالرّسُل، الإيمان بالبعث. وتضمّنت الآية: الإيمان بوجوب السّمع والطاعة، وطلب المغفرة. كما أنه من أركان الإيمان: عدم التفرقة بين الأنبياء والمرسلين.
وجاءت بالإيمان أحاديث الرسول -صلى الله عليه وسلم-، ووضّحتْه غاية الإيضاح؛ ومن ذلك ما روي عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: بينما نحن جلوس عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذات يوم، إذ طلع علينا رجلٌ شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، لا يُرى عليه أثرُ السفر، ولا يعرفه منا أحد، فجلس إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فأسند ركبتيْه إلى ركبتيْه، ووضع يديْه على فخِذيْه، وقال: يا محمد. أخبرْني عن الإسلام. فقال -صلى الله عليه وسلم-: ((الإسلام: أن تشهد أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمداً رسول الله، وتقيمَ الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحجّ البيت إن استطعت إليه سبيلاً)). قال: صدقتَ. فعجبْنا منه، يسأله ويصدِّقه. قال: فأخبرني عن الإيمان. قال -صلى الله عليه وسلم-: ((أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتُبه، ورسُله، واليوم الآخِر. وأن تؤمن بالقضاء والقدَر، خيْرِه وشرّه)). فقال: صدقت. قال: فأخبرني عن الإحسان. قال: ((أن تعبُدَ الله كأنك تراه. فإن لم تكن تراه فإنه يراك)) ... إلخ الحديث، رواه مسلم.
فهذا حديث شامل لأسُس العقيدة الإسلامية، جامع لأركان الإسلام والإيمان بشِقَّيْه: العقيدة، والشريعة. فلا تصحّ عقيدة المؤمن، ولا يكتمل إيمانه، إلاّ بالإيمان بالإسلام عقيدة وشريعة، قولاً وعملاً. ولقد جمَع القرآن الكريم بين جوانب العقيدة والشريعة، والسلوك والمعاملات، في الوصايا العشْر التي جاءت في سورة (الأنعام)، قال تعالى: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَلاَ تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ