نام کتاب : مجلة البيان نویسنده : البرقوقي جلد : 1 صفحه : 7
أوامره تعالى من نشر الأمن والسلام وبث الخير والبر بين جميع مخلوقاته على السواء وليس إلا بهذا يبلغ الهناء وتدرك السعادة.
هذا مذهب راسكن ومذهب كل مؤمن بالله طاهر النفس صادق النظر بعيد الرأي شغلته محبة الله عن حب ذاته وصرفته دواعي المروءة والبر والرحمة عن خدمة الشهوات وإطاعة الأهواء ورأى في عجائب الكائنات وروائع الأرضين والسموات مندوحة عما يشغل الجهلة الأغرار من زخرف الدنيا وزبرج الحياة ولعبات الأطفال والصبية: ولعل في كل إنسان مقداراً من الإيمان صغيراً أو كبيراً بحسب فطرته تبديه التربية الحسنة والتفقيه في الدين وعلوم الأدب وليس أبعث لهذا الإيمان من الشعر الكريم الفاضل فإن نفس الحر لتشعر بشغف عظيم إلى أشياء مجهولة ومعاني مبهمة وتحن حنيناً شديداً إلى روح ذلك الجمال الخفي فهي كالأعمى الذي يعشق الحسان من غيران يراها ولا تزال تتلهف على ذلك السر الغريب وتهيم حتى ينشد الشعر الرائع النفيس فيجلو عمى النفس فتبصر الجمال الغريب الذي طالما اشتاقته ونزعت إليه: هذا الجمال هو أثر الله الذي لا تخلو منه ذرة من الوجود والذي يراه أهل اليقين وذوو القلوب المبصرة والذي قد كان يراه الجهلة الكفار الأغبياء لولا ما ضرب الشيطان (حب الذات) على قلوبهم وأبصارهم ويعجبني جداً ما قاله الحكيم الإنكليزي وليم هازلت في هذا الموضوع
من فضل التربية الأدبية إنها تلطف الحسن وتهذب الذوق وتفسح مدى النظر وتبعد مسافة الرأي وتعود النفس أن تعني من شؤن الخلق وأحوال العالم بمثل ما تعنى به من شؤنها وأحوالها وأن تحب الفضيلة لذات الفضيلة وأن تؤثر المجد على الحياة والشرف على الغنى ومن فضل التربية الأدبية أنها تبعث أفكارنا إلى ما بعد عن مدارك البشر من معاني الجمال ونأى عن مشاعر الخلق من آيات الشرف والجلال فتعقد الصلة بين نفوسنا وبين أسرار الأبد وتمزج أرواحنا بروح الله ومن فضلها أن تنزع الجبن من قلوبنا وتسل من أفئدتنا مهابة الملوك والجبابرة فتعتق رقابنا من رق الخضوع للسلطة الظالمة والألقاب الكاذبة.
نعم إن بالنفس الإنسانية مهما كانت نزعة إلى الجمال أينما كان وحنينا إلى أن ترى عيشاً نعم مما يكون عادة في هذه الدنيا وحياة ألذ وسنة أعدل ونظاماً أكمل والإنسان لا يزال يتمنى الأماني العذبة ويحلم الأحلام المعسولة ثم لا يجد إلا حقائق مرة ونتائج سيئة وأحوالاً
نام کتاب : مجلة البيان نویسنده : البرقوقي جلد : 1 صفحه : 7