الديانة، ترسّل من حلب الى بغداد والى الأطراف، وانقطع في الآخر بمكانه في الجبل عند حمام النحاس بدمشق، وكان منهمكا في التمتع كان له أكثر من عشرين سريّة [1] حتى فنيت أعضاؤه وتولّدت عليه أمراض رحمه الله تعالى.
وفيها مات الشيخ الصالح الورع (11 ب) الزاهد المحقق شرف الدين أبو حفص وأبو القاسم عمر بن علي بن المرشد بن علي، الحموي الأصل، المصري المولد والدار والوفاة المعروف بابن الفارض [2]. وله ديوان شعر لطيف وأسلوبه فيه رائق ظريف ينحو فيه منحى طريقة الفقراء ومنهجهم [3] وإشاراتهم وله القصيدة الجيمية على اصطلاحهم وما ألطف قوله:
[البسيط]
أهلا بما لم أكن أهلا لموقعه ... قول المبشر بعد اليأس بالفرج
لك البشارة فاخلع ما عليك فقد ... ذكرت [4] ثمّ على ما فيك من عوج
قلت والبيت الثاني له حكاية لطيفة تدل على حسن اعتقاده وعلوّ درجته، قيل لما حجّ الشيخ شهاب الدين السهروردي، شيخ الصوفية المقدّم ذكره، قدس الله روحه، في سنة ثمان وعشرين وستمائة وكانت وقفة الجمعة، حج معه خلق كثير من أهل العراق، فلمّا رأى كثرة ازدحام الناس عليه في الطواف بالبيت والوقوف بعرفة واقتدائهم بأقواله وأفعاله فقال في سره: هل أنا عند الله كما يظن هؤلاء القوم فيّ ويا ترى هل ذكرت في حضرة الحبيب في هذا اليوم؟ فظهر له الشيخ شرف الدين [ابن الفارض] [5]، وقال له يا سهروردي:
[البسيط]
لك البشارة فاخلع ما عليك فقد ... ذكرت ثمّ على ما فيك من عوج [1] خيار النساء أو الجواري، لسان العرب 14/ 378 مادة «سرا». [2] راجع ترجمته في: وفيات الأعيان 3/ 454، مرآة الجنان 4/ 75، البداية والنهاية 13/ 142، النجوم الزاهرة 6/ 288، الشذرات 5/ 149 ومقدمة ديوان ابن الفارض للبوريني وأيضا تاريخ الإسلام للذهبي، الطبقة الرابعة والستون: 93 (رقم 111). [3] في الأصل: منحهم، التصويب من وفيات الأعيان 3/ 454. [4] في الأصل: قبلت، التصويب من ديوان ابن الفارض 1/ 13. [5] الزيادة للايضاح.