نام کتاب : عصر الدولة الزنكية نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 393
يصحح القلب ويقويه ويهذبه ويهديه ويريه العجائب لا تتوكل على درهمك، ودينارك وأسبابك فإن ذلك يعجزك ويضعفك وتوكل على الله عز وجل، فإنه يقويك ويعينك ويلطف بك ويفتح لك من حيث لا تحتسب [1]. وهذا ما أكَّده شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - وهو يوضح معنى ما نقل عن الشيخ عبد القادر الجيلاني من أنه رؤي في المنام وهو يقول إخباراً عن الحق سبحانه: من جاءنا تلقيناه من البعيد، ومن تصرف بحولنا ألنَّا له الحديد، ومن اتبع مرادنا أردنا ما يريد، ومن ترك من أجلنا أعطيناه فوق المزيد. فقال فالأوَّلتان: العبادة والاستعانة، والآخرتان الطاعة والمعصية. فالذهاب إلى الله هي عبادته وحده كما قال تعالى: في الحديث القدسي: من تقرب إليَّ شبراً تقربت إليه ذراعاً ومن تقرب إليَّ ذراعاً تقربت إليه باعاً ومن أتاني يمشي أتيته هرولة [2] والتقرب بحوله هو الاستعانة والتوكل عليه فإنه لا حول ولا قوة إلاَّ بالله وفي الأثر: من سره أن يكون أقوى الناس فليتوكل على الله [3]. وعن سعيد بن جبير قال التوكل جماع الإيمان [4]، وقال تعالى " ومن يتوكل على الله فهو حسبه " (الطلاق، آية: [3]) .... وقوله: ومن اتبع مرادنا يعني المراد الشرعي، كقوله تعالى: " يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر " (البقرة، آية: 185) وقال تعالى: (يريد الله أن يخفف عنكم " (النساء، آية: 28) وقوله تعالى: " ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتُم نعمته عليكم " (المائدة آية: [6]) ...
وفي الحديث الصحيح: لئن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه [5]. وقال تعالى: " ويستحيب الذين ءامنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله " (الشورى، آية ك 26) وقوله: ومن ترك من أجلنا أعطيناه فوق المزيد يعني: ترك ما كره الله من المحرم والمكروه لأجل الله؛ رجاءاً ومحبة وخشية أعطيناه فوق المزيد لأن هذا مقام الصبر [6] وقد قال الله تعالى: " إنّما يُوَفى الصابرون أجرهم بغير حساب " (الزمر، الآية: 10).
المسألة الرابعة: الأسباب: بين الشيخ عبد القادر الجيلاني اعتقاده حولها والمتضمن ضرورة الأخذ بها مع عدم الاعتماد عليها فقال: اعتقاد المتبعين لكتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم: أن السيف لا يقطع بطبعه بل الله عز وجل يقطع به وأن النار لا تحرق بطبعها بل الله عز وجل المحرق بها وأن الطعام لا يشبع بطبعه بل الله عز وجل يشبع به وأن الماء لا يروي بطبعه بل الله عز وجل المروي به. وهكذا جميع الأسباب على اختلاف أجناسها الله عز وجل المتصرف فيها وبها وهي آلة بين يديه يفعل ما يشاء [7]، وهذا لا يعني دعوته إلى [1] الفتح الرباني للجيلاني، المجلس الثاني والأربعون ص 134. [2] البخاري رقم 7536 مسلم رقم 2675. [3] الشيخ عبد القادر ص 612. [4] السنة، عبد الله بن أحمد رقم 776. [5] المصدر نفسه. [6] البخاري رقم 7536. [7] فتاوى ابن تيمية (10/ 549) الشيخ عبد القادر ص 613.
نام کتاب : عصر الدولة الزنكية نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 393