نام کتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 533
4 - دور الفقهاء والقضاة في التحريض على الجهاد بالكتابة والتأليف: لم تكن الاستجابة من قبل الفقهاء والقضاة في بلاد الشام ضد الغزو الصليبيين مقتصرة على الاستغاثة وطلب النجدة، بل تعدت إلى العديد من الوسائل الأخرى التي من بينها الكتابة والتأليف في الجهاد ضد ذلك الغزو، لتهيئة الأجواء الفكرية، وتثقيف المسلمين عامة، حيث نالت اهتماماً كبيراً من جملة الفقهاء والعلماء قبل وأثناء الغزو الصليبي، فقد أصبحت حاجة العصر للتعبئة الفكرية، ونشر الثقافة الإسلامية من الأمور الأساسية آنذاك في وقت كانت بلاد الشام تخوض صراعاً سياسياً، ومذهبياً عسكرياً انعكس على تدوين التاريخ في الشرق العربي، وظهور العديد من المصنفات والتراجم حول سير السلاطين والملوك والأسر الحاكمة وأحداث القتال، والصراع ضد الصليبيين. ولذلك اندفعت فئة الفقهاء والقضاة إلى تنوير مجتمعاتها الإسلامية، الذي جاء مجسداً عبر مؤلفاتهم وكتبهم خلال مجموعتين: الأولى ركزت على التأليف والوعظ بصورة تقليدية؛ وتوضيح أمور وأركان الدين الحنيف للناس، والثانية التي توجهت للتحريض والتأليف في الجهاد، وحث المسلمين عليه، لأنها أدركت الضعف العام في إيمان المسلمين عليه وتركهم لأمور دينهم, لذلك كتبت الكثير من المصنفات قبل وأثناء الغزو الصليبي في بلاد الشام. والذي يهمنا هنا المؤلفات التي حرضت على
الجهاد الإسلامي وتعبئة المسلمين بأمور دينهم للوقوف بوجه ذلك الغزو [1] .. ومن أبرز أولئك الفقهاء:
- الفقيه على بن طاهر السلمي (431 - 500هـ / 1039 - 1106م): هو علي بن طاهر ابن جعفر القيسي السلمي الدمشقي الشافعي، كان من علماء بلاد الشام وعلى إثر مجئ ذلك الغزو تحول إلى واعظ ومحرض على الجهاد، بإلقائه الخطب والدروس في المساجد التي تنقل فيها عبر مدن بلاد الشام وفلسطين، حيث جسد ذلك في كتابه الجهاد، الذي جاء عقب سقوط بيت المقدس عام 492هـ/1098م. وذلك من خلال إحدى خطبه التي حث فيها المسلمين على الجهاد ضد الغزو: فإن المجاهدين لهذه الطائفة الظافرين بهم الموفقين في إخراجهم من بيت المقدس وغيرها من هذه البلاد [2]، وركز السلمي في أبوابه الأولى من كتابه الجهاد على العديد من القضايا والأفكار المهمة التي كانت عليها بلاد الشام، والعالم الإسلامي آنذاك؛ مبتدئاً بسياسة صليبية عامة استهدفت الأندلس وصقلية وبلاد الشام. إذ أنه أول من نبه إلى وحدة أهداف الحروب الصليبية سواء في الأندلس، أو في صقلية أو في بلاد الشام، تلك الفكرة التي أخذها المؤرخون فيما بعد، وطوروها فقد ذكر ابن الأثير: وكان [1] موقف فقهاء الشام وقضاتها من الغزو الصّليبي، ص 93. [2] موقف فقهاء الشام وقضاتها من الغزو الصّليبي، ص 93.
نام کتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 533