نام کتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 97
الموصل، فوصلها في رجب، وسار منها، فلمّا وصل إلى حران سلّمها إليه ابن الشاطر، فأقطعها السلطان لمحمّد بن شرف الدولة، وسار إلى الرُّها، وهي بيد الروم فحصرها وملكها، وكانوا قد اشتروها من ابن عطير، وسار إلى قلعة جعبر، فحصرها يوماً وليلة وملكها، وقتل من بها من بني قشير، وأخذ جعبر من صاحبها [1] -وهو شيخ أعمى- ولدين له، وكانت الأذية بهم عظيمة يقطعون الطرق ويلجأون إليها، ثم عبر الفرات إلى مدينة حلب، فملك في طريقه مدينة منيح، فلمّا قارب حلب رحل عنها أخوه تُتش، وكان قد ملك المدينة، كما ذكرنا، وسار عنها يسلك البرية، ومعه الأمير أُرتق، فأشار بكبس عسكر السلطان، وقال: إنَّهم قد وصلوا وبهم وبدوابّهم من التعب ما ليس عندهم معه امتناع؛ ولو فعل لظفر بهم. فقال تتش: لا أكسر جاه أخي الذي أنا مستظل بظله، فإنّه يعود بالوهن عليّ أوّلاً.
وسار إلى دمشق، ولمّا وصل السلطان إلى حلب تسلم المدينة، وسلَّم إليه سالم بن مالك القلعة على أن يعّوضه عنها قلعة جعبر، وكان سالم قد امتنع بها أوّلاً، فأمر السلطان أن يُرمي إليه رشقاً واحداً بالسهام، فرمى الجيش، فكادت الشمس تحتجب لكثرة السهام، فصانع عنها بقلعة جعبر وسلمها، وسلم السلطان إليه قلعة جعبر، فبقيت بيده وبيد أولاده إلى أن أخذها منهم نور الدين محمود زنكي، على ما نذكره إن شاء الله تعالى، وأرسل إليه الأمير نصر بن علي بن منقذ الكنانيُّ، صاحب شَيزر، فدخل في طاعته، وسلم إليه اللاذقية، وكفر طاب، وأفامية، فأجابه إلى المسالمة، وترك قصده، وأقر عليه شَيزر، ولما ملك السلطان حلب سلمها إلى قسيم الدولة آق سنقر، فعمرها، وأحسن السيرة فيها، وأمّا ابن الحتيتي فإنّه كان واثقاً بإحسان السلطان ونظام الملك إليه، لأنّه استدعاهما، فلمَّا ملك السلطان البلد وطلب أهلها أن يعفيهم من ابن الحُتَيْتي، فأجابهم إلى ذلك، واستصحبه معه، وأرسله إلى ديار بكر، فافتقر، وتوفي بها على حال شديدة من الفقر وقتل ولده بأنطاكية، قتله الفرنج لما ملكوها [2].
رابعاً: تأسيس سلطنة سلاجقة الروم: 470 هـ - 479هـ: أتاحت معركة ملاذكرد 463هـ للسلاجقة الأنسياب إلى جوف آسيا الصغرى، وشجعتهم النزاعات والحروب الداخلية التي نشبت بين البيزنطيين على الاستقرار في ربوعها، وتأسيس سلطنة عُرفت في التاريخ باسم «سلطنة سلاجقة الروم» أسَّسها سليمان بن قتلمش الذي يعد بحق جد سلاطين آسيا الصغرى، أخذ سليمان على عاتقه إدارة شئون المنطقة الشمالية الغربية بعد رحيل ألب [1] الكامل في التاريخ، ص (6/ 300). [2] المصدر نفسه (6/ 301).
نام کتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 97