نام کتاب : انبعاث الإسلام في الأندلس نویسنده : علي المنتصر الكتاني جلد : 1 صفحه : 205
فمثلاً، زار بلنسية خيرومينو قربون، وهو نجار مورسكي من برغش، فمكث بها عدة أشهر، وقبل عودته لبلده دعاه صديق له نصراني إلى حفلة عشاء تكريمًا له، وقدم له لحم الخنزير. فلما رفض المورسكي أكله فضحه "الصديق" النصراني لمحاكم التفتيش، مما أوصله إلى أتعس المهالك. ومثال آخر، أسرّت مورسكية لجارتها النصرانية بأن النصارى لا يحبونها ولا يحبون ابنتها لأنهما مورسكيتين، فأدى ذلك بها إلى محاكم التفتيش كذلك.
وكان النصارى يتهمون المورسكيين بحب المال وبالبخل وبالحرص على العمل، ويغارون منهم. وكانت العائلة المورسكية أكثر تماسكًا من العائلة النصرانية، والأمة المورسكية في مجملها أمة مجاهدة، نظيفة الملبس والعادات، لا يشرب أفرادها خمرًا ولا يتعاطون قمارًا، ولا يهجرون زوجاتهم ولا يتركون أطفالهم كما كان يفعل عامة النصارى في ذلك الوقت.
كان عامة النصارى يهابون المسلمين، خاصة بعد ثورة غرناطة الكبرى، ويتهمونهم بالتعاون مع مجاهدي البحر المغاربة والأتراك، ويخافون من ثوراتهم ومنفييهم في الجبال. وفي أواخر القرن السادس عشر الميلادي وأوائل القرن السابع عشر، أخذت تنتشر بين النصارى الإشاعات المتواصلة بأغرب الأخبار. ففي أوائل القرن السابع عشر، انتشرت إشاعة في بلنسية مفادها أن المورسكيين يسرقون أطفال النصارى لإرسالهم إلى شمال إفريقيا وتربيتهم على الإسلام، وأنهم يرسلونهم ليلاً في البواخر بعد تكميم أفواههم. وتبين بعد ذلك أن الإشاعة ليس لها أساس.
وفي أوائل القرن السادس عشر الميلادي، كان معظم المورسكيين يتكلمون العربية بلهجات تختلف باختلاف المدن والمناطق. وكان لكل طاعة من طاعات البشرات لهجة خاصة بها. وتحت الضغط الصليبي، أخذت اللغة العربية تضعف بين المورسكيين، خاصة في مملكة أراغون القديمة. أما في جبال البشرات، فقد ظلت اللغة العربية منتشرة إلى قيام ثورة غرناطة الكبرى سنة 1569 م. وبقي كثير من المورسكيين يعرفون اللغة العربية إلى سنة 1609 م إبان الطرد الجماعي. وكان المورسكيون يتكلمون كذلك اللغة "الأعجمية"، ويكتبونها بالحروف العربية. واللغة الأعجمية هي اللغة الدارجة بين المورسكيين حينذاك، القشتالية أو الأراغونية أو القطلانية. وكان المورسكيون يتكلمون هذه اللغات بلكنة خاصة بهم تدل على تأثير
نام کتاب : انبعاث الإسلام في الأندلس نویسنده : علي المنتصر الكتاني جلد : 1 صفحه : 205