وجعل يُتَفِّف عليه، فأبلغ الرسول جريراً ذلك، فلما أصبح النَّبهاني
وجريرٌ جالسٌ في كُسيحةٍ له أمام بيته - والكُسيحة الموضع يُكسح ويُجعل حَواءً يُصَّلى ويُجلس فيه
- وقد صَّلى الصبح وكان لا يتكلم إذا صلَّى الصُّبح حتى تطُلع الشمس ولو تناحر الحيُّ، فلما طلُعت
الشمس، والنبهاني قاعدٌ قد سأله فلم يُجبه، قبل ذلك، أقبل عليه جريرٌ حين طلعت الشمس، فقال: أما
والله إنك لغنيٌّ مُقو ولو شئت لاكتفيت فقد بلغنا خَبرُك. وإنما أراد بنو ثمامة أن يمنعه جريرٌ فيهجوه.
قال: وحول بيت جرير بيوتٌ كثيرةٌ، فقال له جرير: ما مِمَّن ترى إلا واجبُ الحقِّ لا أجد له مَدفعاً،
وما كُل الحقِّ أنا واسعُ له، فانصرف راشداً أحسن الله إليك، فانصرف، فهجا جريراً فقال:
قُلْتُ لَهَا أُمِّي سَليطاً بأَرضِهَا ... فَبِئْسَ مُنَاخُ النَّازِلِينَ جَرِيرُ
وَلَوْ عْندَ غَسَّانَ السَّليطيِّ عَرَّسَتْ ... رَغَا قَرَنٌ مِنْهَا وَكَاسَ عَقيِرُ
القَرن البعير المقرون، ويقال: قد أرغى فلانٌ لفلانٍ، إذا قرن له بعيراً فأعطاه، ويقال سألتُ فلاناً فما
أرغاني ولا أثغاني، أي ما أعطاني شاة تثغو، وكَاس عَقير يريد عَقر له بعيراً فقام على ثلاث. يقول
لو نزلتُ بغسان لأعطاني جملاً يرغو في قرن، أي في حبل، وعقر لي آخر.
وأَنْتَ كُلَيبيٌّ لكَلْبٍ وكَلْبَةٍ ... لَهَا عنْدَ أَطْنَاب الْبيوتِ هَريرُ