(ذُو الْعَجْزِ) إيش معنى ذو العجز؟ يعني: صاحب العجز بالمعنى صاحبًا للأسماء الستة، يعني: صاحب العجز الْعجز، قال ابن خالد: {العين الْعين والجيم والزاي أصلان صحيحان يدل أحدهما على الضعف والآخر على مؤخر الشيء}. والمراد هنا الأول الضعف الأول. (ذُو الْعَجْزِ) يعنى: ذو الضعف يعني: صاحب الضعيف يعني: الضعيف قال هو من باب ضرب وسمع ويش المراد ضرب وسمع يعني: يقال فيه عَجَزَ يَعْجِزُ ضَرَبَ يَضْرِبُ، ويقال فيه عَجِزَ بكسر الجيم عَجِزَ يَعْجَزُ كسَمِعَ يَسْمَعُ، إذن هو من باب ضرب يضرب، يقال: عَجَزَ يَعْجِزُ وَعَجِزَ يَعْجَزُ عَجْزًا فهو عاجزٌ أي: ضعيف. (وَالتَّقْصِيرِ وَالتَّفْرِيطِ) التقصير والتفريط هما متقاربان أو بمعنًى واحد يعني: لفظان بمعنى واحد معنى التقصير هو معنى التفريط، وقيل: هما متقاربان. وهذا يذكر في الشروح للفائدة يؤتى عند لفظ فيقال: هما بمعنى واحد، أو متقاربان. ماذا يريد الشارح أو المحشي بهذه العبارة؟ هما بمعنى واحد على القول بجواز وقوع الترادف في اللغة أو متقاربان على قول من منع وقوع الترادف في اللغة، وهو لا ينفي أن يكونا متقاربين، كما قيل في بشر وإنسان هل هما مترادفان أم متغايران؟ فيه خلاف في المترادفان مدلول بشر هو مدلول إنسان، وقيل: هما متغايران. ولكن متحدان باعتبار الزمان لذلك قيل: أن الخُلف الاختلاف لفظ ليس جوهريًّا لماذا؟ لأن من قال بالاتحاد بشر وإنسان هما مترادفان لا ينفي أن يكون كل لفظ دل على وصف لا يدل عليه الآخر قيل: بشر مأخوذ بالنسبة إلى بشرة، وإنسان بالنسبة إلى لنسيان. فحينئذٍ كل لفظٍ دل على وصف لا يدل عليه الآخر إذن التقصير والتفريق مصدران بمعنى واحد أو متقاربان.
قال ابن الفارس: يقال أفرط إذا تجاوز الحد في الأمر أفرط إذا تجاوز الحد في الأمر، فيقولون: إياك والفرط، يعني: لا تجاوز القدر وكذلك التفريط وهو التقصير لأنه إذا قصر في الأمر فقد قعد به عن رتبته التي هي له كان الأولى أن يأتي به على وجه الكمال فقصر فأتى به على وجهٍ ليس هو على وجه الكمال. (ذُو الْعَجْزِ) يعني: صاحب العجز، (وَالتَّقْصِيرِ) يعني: وذو التقصير صاحب التقصير، (وَالتَّفْرِيطِ) أي: وذو التفريط
هذه الألفاظ ماذا أراد بها الناظم؟ هل هي حقيقية؟ أم أنه تواضع منه؟ نقول: الثاني هذا الأصل أن العالم قد يأتي ببعض الألفاظ يذم نفسه ولا يمدح نفسه فيكون فيه نوع تواضع، وإذا كان في كتاب يقرأه المبتدئ فحينئذٍ يكون فيه توجيه أن هذا العلم لا ينال إلا بالاحتياج وإظهار الحاجة والفقر إلى الله تعالى، والاعتراف بالضَعف، أنت ضعيف لا فهم ولا حفظ إلا إذا أُعنت من السماء، وكذلك أنت مقصر وعندك تفريط ولذلك قال الشارح: (وَالتَّقْصِيرِ) أي: في الطاعة، (وَالتَّفْرِيطِ) أي: في جانب مولاه، فحينئذٍ يكون فيه نوع توجيه للطالب.
الْحَمْدُ للهِ الَّذِي قَدْ أَظْهَرَا**عِلْمَ الْأُصُولِ لِلْوَرَى وَأَشْهَرَا