هكذا قال في ((مراقي السعود)):
أول من ألفه في الكتب ** محمد بن الشافعي المطلب
وغيره يعني: ممن سبقه من المجتهدين.
وغيره كان له سليقة
يعني: طبيعة، مركوزة في الجبلة.
وغيره كان له سليقة ** مثل الذي للعرب من خليقة
مثل النحو مثل الصرف والبيان دون علم النحو، وإذا قيل: أول من دون علم النحو أبو الأسود الدؤلي، وعلى جهة الاستقلال كتاب سيبويه، هل قبل ذلك قبل التدوين قبل أبي الأسود الدؤلي في العرب العرباء والجاهلية هل كانوا هل كانوا فصحاء وعلماء بعلم النحو أم لا؟ نقول: نعم وإنما أخذت هذه القواعد من كلام العرب المتقدمين، فكون النحو أُلف متأخرًا لا يلزم منه نفي العلم عن من سبق، لماذا؟ لأن المقصود بالتدوين هو جعل هذا العلم على الورق، أما في النفوس فهو ركيزة وجبلة وسليقة
إذن (عَلَى لِسَانِ الشَّافِعِي وَهَوَّنَا ** فَهُوَ الَّذِي لَهُ ابْتِدَاءً) يعني: في ابتداء الأمر وأنه سبق كل أحد من العلماء والمستهلين فدون رسالته المشهورة ب ((الرسالة)) (فَهُوَ الَّذِي لَهُ ابْتِدَاءً دَوَّنَا) ماذا كتب الشافعي؟ كتب الكتاب الموصوف بـ: ((الرسالة))، هو لم يسمه الرسالة وإنما اشتهر، لأنه جاء طلب من الإمام عبد الرحمن بن مهدي توفي سنة ثلاث وتسعين ومائة (193هـ) أن يكتب له الشافعي شيئًا في معاني القرآن والأمر والنهي والناسخ والمنسوخ والقياس، فكتب له فرسلها فسميت رسالة، وإلا هو يعبر عنه في سائر الكتب بكتاب وكتابٍ يقول: قلت في كتابي، وقد بينت في كتابي، والمراد به الرسالة والرسالة التي بين أيدينا ليست هي عينها الرسالة التي أرسلها للإمام عبد الرحمن بن مهدي تلك كتبها في بغداد، ثم لما دخل مصر أعاد تأليف الرسالة وهي التي موجودة الآن بين أيدينا فليست هي عينها.
وَتَابَعَتْهُ النَّاسُ حَتَّى صَارَا**كُتْبًا صِغَارَ الْحَجْمِ أَوْ كِبَارَا
قال (وَتَابَعَتْهُ) يعني: تابعت الناس الشافعية تابعت الناس الشافعية (وَتَابَعَتْهُ) الضمير يعود على الشافعي، (النَّاسُ) كل الناس العوام والجهلة والعلماء هذا المراد من المراد؟ العلماء إذن هذا يكون فيه براعة استهلال، ماذا يسمى عند الأصوليين هذا؟ {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ} [آل عمران:173] عام أريد به الخصوص عام أريد به الخصوص، لأن العام نوعان: عام مخصوص ما دخله التخصيص، وعام لا عام أطلق وأريد به الخصوص ابتداءً.