القول الثاني: الجواز المنسوب لسعيد ابن جبير والخطيب البغدادي وعليه أكثر المتأخرين.
إذن البسملة تكون حينئذٍ تجري عليها الأحكام الخمسة تجري عليها الأحكام الخمسة قد تكون محرمةً، وقد تكون مستحبةً، وقد تكون جائزةً، وقد تكون واجبة، متى تكون واجبة؟ في القرآن، في الوضوء على قول لبعض الفقهاء كذلك في عند الذبح لا بد من التسمية تكون واجبة في الوضوء أيضًا على المذهب أنها واجبة تجب التسمية في الوضوء مع الذكر أما مع النسيان.
فتسقط إذن قوله: (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ). هل جرى على ما هو مختلفٌ فيه أو على ما هو مستحب؟ نقول على الثاني لماذا؟ لأن هذا النظم من قبيل الأراجيز التي ألفت ونظمت في العلوم الشرعية.
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ) أؤلف، الجار مجرور متعلق بفعلٍ محذوفٍ متأخرٍ مناسبٍ للمقام، ثلاثة أمور بسم الله هذا جار ومجرور وكل جار مجرور لا بد له متعلقٍ يتعلق به، لماذا؟ لأنه معمود {لا بد للجار من التعلق بفعلٍ أو معناه نحو مرتقي} بفعلٍ أو معناه يعني: ما هو في قوة الفعل؟ ما هي رائحة الفعل؟ لا بد للجار من التعلق هنا، هنا.
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ) أين متعلقه؟ محذوفٌ وجوبًا، لماذا؟ قالوا: لجريان البسملة مجرى الأنفاس، وكل ما حذف أصالةً وجب أن يحذف ديمومة يعني: يستمر الحذف ولا يجوز الذكر أبدًا في حالٍ من الأحوال، يعبر عن هذا المعنى بجريانه مجرى الأنفاس، كما أن الأمثال لا تُغَيَّر الصيفَ ضيعتِ اللبنَ هذا قيل لامرأةٍ مفرد، لو قال: رجل قلت له: هذا المثل وجاءت مناسبة تقول: الصيفَ ضيعتِ، ولا تجوز أن تغير فتقول: الصيفَ ضيعتَ، أو تقول لشخصين: الصيفَ ضيعتما، نقول: لا.
وإنما المثل يُلتزم مع المفرد المذكر والمؤنث والجمع وو الخ.
كذلك ما حُذف أصالةً وجب أن يستمر ديمومةً، فحينئذٍ نقول: (بِسْمِ اللهِ) هذا متعلق بمحذوف، واجب الحذف ما هو؟ هذا المحذوف الأصح أنه فعل لا اسما متأخر لا متقدم، يعني: إذا قدرناه أين نقدره؟ هل أقول أؤلف بسم الله؟ أو أقول بسم الله أؤلف؟ الثاني؛ لأنه متأخر.
الثالث مناسبٍ للمقام يعني: تأخذ من الحدث الذي أنت تريد أن تقوله الذي هو القول أو تفعله، تأخذ منه فعل مضارع خاص، فيكون هو متعلق الجار والمجرور. هنا نقول: (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ) أؤلف فعل متأخر مناسبٍ للمقام، لماذا؟ اخترناه فعلاً لأن الأصل في العمل الأفعال، لماذا؟ هو متأخر يفيد هذا، يفيد الحرف ويفيد الاهتمام، يعني: لا ينبغي أن يتقدم على اسم الله شيءٌ أبدا، بسم الله أؤلف، هنا راعيت جانب لفظ الجلالة ولم تقدم عليه لفظًا من الألفاظ أيًا كان ولو كان العامل بسم الله أؤلف، لذلك قال السيوطي:
وقد يُفيد في الجميع الاهتمام**به ومِنْ تَمَّ الصواب في المقام
تقدير ما عُلِّقَ بسم الله به وأخر
يعني لا بد أن يقدر مؤخرًا
فإن يرد لسبب تقديمه في سورة اقرأ