فإنه يعد ما دخل فيه حسنا بل يراه أولى بما حد له الشارع فأين مع هذا خوفه أو رجاؤه وهو يزعم أن طريقه هدى سبيلا ونحلته أولى بالاتباع، هذا وإن كان زعمه شبهة عرضت فقد شهد الشرع بالآيات والأحاديث أنه متبع للهوى ... والحاصل أن النسبة بين المكروه من الأعمال وبين أدنى البدع بعيد الملتمس] [1].
قال الشيخ الألباني: [يجب أن نعلم أن أصغر بدعة يأتي بها الرجل في الدين هي محرمة بعد تبين كونها بدعة وليس في البدع - كما يتوهم البعض - ما هو في رتبة المكروه فقط] [2].
المبحث الثالث: هل تنقسم البدع إلى صغائر وكبائر:
قال ابن القيم: [وقال مالك بن مغول: الكبائر ذنوب أهل البدع والسيئات ذنوب أهل السنة. قلت: يريد أن البدعة من الكبائر وأنها أكبر من كبائر أهل السنة فكبائر أهل السنة صغائر بالنسبة إلى البدع وهذا معنى قول بعض السلف البدعة أحب إلى إبليس من المعصية لأن البدعة لا يتاب منها والمعصية يتاب منها] [3].
وهذا المعنى نصره ابن القيم أيضاً عندما تكلم عن مراحل تدرج الشيطان في الإغواء، فجعل العقبة الأولى هي الكفر، والعقبة الثانية هي البدعة، والثالثة هي الكبائر ...
قال ابن القيم: (العقبة الأولى: عقبة الكفر بالله وبدينه ولقائه وبصفات كماله
وبما أخبرت به رسله عنه فإنه إن ظفر به في هذه العقبة بردت نار عداوته واستراح فإن اقتحم هذه العقبة ونجا منها ببصيرة الهداية وسلم معه نور الإيمان طلبه على العقبة الثانية وهي عقبة البدعة إما باعتقاد خلاف الحق الذي أرسل الله به رسوله وأنزل به كتابه وإما بالتعبد بما لم يأذن به الله من الأوضاع والرسوم المحدثة في الدين التي لا يقبل الله منها شيئا والبدعتان في الغالب متلازمتان قل أن تنفك إحداهما عن الأخرى ... فإن قطع هذه العقبة وخلص منها بنور السنة واعتصم منها بحقيقة المتابعة وما مضى عليه السلف الأخيار من الصحابة والتابعين لهم [1] الاعتصام 2/ 49: 56). [2] حجة النبي - صلى الله عليه وسلم - ص 101. [3] مدارج السالكين (1/ 322).